آخر الفيديوهات!

مراحل حياة الانسان المعنوية

الدين هو الذي يبعث على التفكير ، بل هو محرك التفكير عند الإنسان. انظر ذلك عند الطفل عندما يبدأ بالتأمل والتساؤل ، إذ تبدأ لديه بواكير التفلسف والأسئلة الكبيرة عن الموت وسر الوجود والهدف منه وعن الآخرة والجنة والنار، هنا انتقل الطفل من مرحلة الطفل الذي يلعب ويمص الحلوى إلى مرحلة الطفل المتأمل، وإن كانت بدايات بسيطة.

لكن القمع باسم الدين هو الذي يقمع التفكير الذي حرّكه الدين أصلا. وهذا ليس طرحاً بدون أدلة، فتاريخ الحضارة كله يشهد بهذا، فلا توجد حضارة إلا في رحاب دين، والعرب أحسن مثال، فقد تحوّلوا من أمة جاهلية لا تقرأ ولا تكتب إلى أن امتلأت بيوتهم بالكتب والمكتبات، فصاروا مصدّرين للحضارة إلى الغرب وغيرهم، وصاروا أمة متحضرة تترجم كتب الحضارات وتنقلها إلى غيرهم بعد أن وضعت عليها سماتها الذهبية. هذا حصل بعد قدوم الدين، أما قبل الدين فقد كانوا قبائل علمانية متحاربة تعيش على السلب والنهب.

يبدو أن كل إنسان مرَّ بفترة من حياته - وبالذات طفولته – بفترة نسميها الفترة الدينية أو الفترة المثالية –سواء كانت واضحة أو غير واضحة لدى الطفل- والتي يبدأ معها التفكير بالحب والبحث عنه، مما يدل على أن الحب الخالص ناتج من الفضيلة وليس دافعه جنسيا، لأنه يبدأ بمراحل مبكرة جدا من حياة الإنسان قبل النضج الجنسي حتى. ويبدو أن هذه المرحلة الدينية اللازمة التي تكلمنا عنها تليها مرحلة التصادم بين مرحلة البلوغ الجنسي وبين المثالية، في ظل التخويف من موضوع الجنس المنطقي أحيانا والمغالي أحيانا، فتحصل اختراقات، فيشعر الطفل المثالي أن ثوب الفضيلة بدأ يتمزق، وتنتابه نوبات من الكآبة تكون بالعادة هي المسؤولة عن ظهور حب الشباب، ويشعر أن شخصيته الواثقة بدأت تهتز، وهذه ما تسمى بمرحلة المراهقة، إضافة إلى تأثير جماعة الرفاق والزملاء الجدد, والاطلاع على عالم أوسع من عالم الأسرة. بعدها تحصل الاختلافات بين البعض، فإما أن يستمر على الفضيلة أو أن يبتعد، وقد يبتعد و يعود، أو قد لا يعود أبدا. وهذا هو سر المراهقة التي يقولون أنها صراع بين شخصية الطفل وشخصية الكبير في المراهق، لكن هذا الكلام تفصيل لأهم ما يجري في هذه المرحلة الحساسة الأليمة. وكذلك الحب وتشويهه باسم المحافظة يسبب انكسارا لتلك الشخصية المستقرة قبل البلوغ الجنسي.

تلي هذه المرحلة مرحلة التشكك وعدم قبول أي كلام بمجرد أن يقال، وهذه تعتبر بداية سن الرشد في الإنسان، فيبدأ يميز بين الأمور الهامة والاقل أهمية. بعدها تأتي مرحلة الكهولة التي يظهر فيها التنظير والتفلسف والميل للربط والمنطق، وتأتي بعدها مرحلة الجمود و رفض أي جديد، و هي مرحلة الشيخوخة المتقدمة.

وهذا الكلام بشكل عام لا يعني انه ينطبق على الجميع دائما بدون اية اختراقات او حالات شاذة، لكنها محاولة لرسم خط عام لحياة الانسان المعنوية.


from مــدونــة الـــورّاق http://ift.tt/2pArQEM
صور المظاهر بواسطة fpm. يتم التشغيل بواسطة Blogger.